كلمة المحرر

 

الحرب الأهلية بين فتح وحماس لاتخدم إلاّ المصالح الصهيو أمريكيه

 

    

  

 

  

 

 

 

       يهلّ علينا العام الهجري الجديد 1428هـ والجسم الإسلامي مُثْخَنٌ بالجراح أكثر من السابق ، حتى أصبح المعالج منزعجًا من وضع مرهم وعلاج لكل من الجروح .

       العراق يُذْبَح بأعنف مما شهده في العام الماضي ؛ حيث اشتدت فيه الحرب الأهلية إلى جانب العدوان الأمريكي ، ويسقط قطر ثالث من الأقطار الإسلامية وهو الصومال بعد كل من أفغانستان والعراق ؛ حيث ابتلعت الأراضي المتبقية منها أثيوبيا نيابة عن أمريكا التي صارت رمزًا أكبر للاستعمار البغيض في العصر الحاضر .

       أما فلسطين التي هي على رأس قائمة القضايا الإسلامية ، بات فيها أكيدًا ومُبَيَّتًا إسقاط حكومة حركة (حماس) من قبل حركة فتح بقيادة رئيسها المشؤوم عباس محمود – الذي صدع رؤوس جميع الإسلاميين في العالم منذ أن قُلِّد رئاسة (فتح) بمباركة من أمريكا وبرضا لايوصف من إسرائيل – ومباشرةِ (دحلان) الذي عيّنه عباس قائدًا عامًّا للأجهزة الأمنية الفلسطينية بإيعاز وتوصية من قبل أمريكا وإسرائيل .

       إن حماس فازت في الانتخابات العامة التي جرت في العام الماضي بأغلبية ساحقة ، وشكلّت حكومتها بطريقة شرعيّة ؛ ولكن أمريكا وإسرائيل لم تكن لترضاها حاكمة في السلطة الفلسطينية ؛ فسَدَّت كلٌ منهما جميع منابع الواردات . ونهت أمريكا جميعَ الدول أن تتعاون معها أو تقدم لها أية مساعدة ماديّة أو معنويّة ، وعملت على تحريض (فتح) العلمانية عليها بكل أسلوب ممكن ، وقدّمت لعباس دعمًا عسكريًّا بمبلغ 86 مليون دولار لمواجهة حماس ، وزوّدت حرس عباس بمدرعات وكلاشنكوف و برامج تدريب للقوات التابعة له . وكل ذلك لكي يتمكن من شن حرب أهلية مع حماس . وفعلاً نشبت الحرب وكثرت الاشتباكات بين نشطاء كل من فتح وحماس ، أسفرت لحد كتابة هذه السطور اليوم : الأربعاء 7/فبراير 2007م الموافق 18/ محرم 1428هـ عن أكثر من مئة قتيل وعدد كبير من الجرحى من الطرفين . وبذلك تَنْفَد القوى الشبابية من الجانبين في الجهاد لغير العدوّ ، وقد كانت جديرة بأن تُبْذَل لمحاربة العدوّ الحقيقي : الصهاينة ؛ حتى تتحرر الأراضي ، ويتحرر المسجد الأقصى ، ويتحرر التراب الفلسطيني: تراب الإسراء والمعراج ومجتمع الأنبياء والرسل .

       وحسنًا فعلت قيادة المملكة العربية السعودية – ولها أياد بيضاء لاتُحْصَى في خدمة الإسلام والمسلمين بشتى الأساليب – إذ دعت قادة كل من الحركتين وعقدت معهم اجتماعًا جدّيًّا جرت فيه المحادثات الشاملة بمكة المكرمة بجوار البيت العتيق ، لإنهاء هذ الخلاف النكد بين الإخوة الذين يجمعهم همُّ تحرير فلسطين . وذلك يوم الثلاثاء: 6/ فبراير 2007م الموافق 17/ محرم 1428هـ بالتقويم الهندي .

       والأمل مُعَلَّق على هذا الاجتماع السعيد والمسلمون يرجون أن الخلاف والاشتباك سينتهيان نتيجةَ هذا الحوار البنّاء بين أشقاء المصير، وتحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود . وقادةُ كلتا الحركتين شاكرون له على هذه المنة الكبيرة التي تتمثل في جمعهم على رصيف الهدف والمصير المشترك .

       ونحن المسلمين في أنحاء العالم نهيب بهم أن يتّحدوا وينبذوا العصبية المنتنة التي إنما تخدم مصالح الأعداء ولا تخدم مصالحهم ومصالح الفلسطينيين بشكل . وذلك لايتأتّى إلاّ إذا صدقت نية رجال (فتح) في التخلّي عن الحرص الزائد على الجاه وشهوة الحكم والسلطة ، وفي نبذ العلمانية التي تجعلهم لايتحمسون لإخوتهم في العقيدة والهدف بمثل ما يتحمسون لأعدائهم الأمريكان والصهاينة الذين أوقعهم في فخّ مسلسل معاهدات السلام التي لاتعني إلاّ خدمة مصالح إسرائيل على ما يرضيها إرضاءً كاملاً بينما يضرّ ويغضب جميعَ الفلسطينيين ويسلبهم جميعَ الحقوق التي ظلوا يناضلون من أجلها منذ هذه المدة الطويلة ، ولا ينيلهم إلاّ سرابًا بقيعة يحسبه الظمآن ماءً ؛ ولكنه لا يشبع عطشًا ولايقضي حاجة إلى تناول الماء !. اللهم اهدِ قومي فإنهم لايعلمون .

[التحرير]

 

(تحريرًا في الساعة 111/2 من صباح يوم الأربعاء : 18/ محرم 1428هـ = 7/ فبراير 2007م)

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . محـرم – صفـر 1428هـ = فبـراير - مارس  2007م ، العـدد : 1-2  ، السنـة : 31.